Why FDPM ?

لماذا تيار فلسطين الحرة الديمقراطية

:مقدمة

الهدف من تيار فلسطين الحرة الديمقراطية هو تأسيس إطار للعمل السياسي الفلسطيني. يعمل التيار على ضم اعضاء الى صفوفه متوافقين على الخطوط السياسية المعروضة في هذه الوثيقة. الطموح هو ان يتطور التيار ليشكل رافعة من روافع العمل السياسي الوطني التقدمي الفلسطيني، والنضال الاجتماعي من اجل الحرية والعدل والمساواة. أي ان التيار يرتكز على قائمتين، الأولى البرنامج الوطني التحرري الفلسطيني، والثانية خصوصية وبرنامج ساحة الشتات الامريكية في النضال من اجل لحربة والعدل والمساواة والسلام.

فالجالية الفلسطينية الامريكية تعيش قصورا سياسيا وتنظيميا واضحا.  ويشكل غياب مؤسسة تقدمية فاعلة لاستنهاض وتركيز وتكثيف نشاط الجالية وحضورها السياسي والثقافي في المجتمع الأمريكي عاملا أساسيا في الخمود الذي تعانيه. ويظهر هذا الانحسار بشكل جلي في ضآلة العمل لدعم القضية الوطنية الفلسطينية.  فيأتي تأسيس التيار استجابة لهذه الحاجة الملحة وعملا لسد هذا القصور.

تسببت اتفاقيات أوسلو وما نجم عنها في انهيار العمل الوطني في جميع انحاء الشتات، وخصوصا بعد فشل اليسار الفلسطيني المنظم في طرح برنامجا بديلا، وانتهاز الفرصة لتبوأ سدة قيادة العمل الوطني في مناهضة أوسلو قد ساهم في هذا الانهيار بشكل كبير. وفي عقب ذلك قامت السلطة الفلسطينية المستسلمة، التي تأسست بموجب هذه الاتفاقيات، بمحاولات شتى لتفتيتِ طموحِ الفلسطينيين السياسي وخطابهم واستراتيجيّاتهم الوطنية بشكل ممنهج. بحيث عملت على ضرب المحاولات التي أزمعت على تشكيل أي بديل مناهض، اواي تواجد سياسي مستقل لفلسطينيّ الشتات لا يتماشى وبرنامجها الانبطاحي. فقامت بمصادرة صوت ودور الفلسطينيين في الشتات والمهجر واستبدلتهما بمؤسساتها وسفاراتها التابعة لها.  أدى هذا الى تراجع عمل جاليات الشتات واتسام فعلها الوطني بالموسمية والمحلية. واقتصرت برامجها المحدودة على المجالين الإنساني والاجتماعي.

لم تكن السلطة الفلسطينية المستسلمة تتمتع بالقدرة أو الشرعية لممارسة نفوذ فعليّ على الجاليات بعد تراجَع دور منظّمة التحرير الفلسطينيّة. فأدّى هذا الفراغ السياسي في تمثيل الشتات إلى تبلور طرق جديدة للتغلب على تبعثر اماكن تواجدها، وذلك باستخدام وسائل الإعلام وشبكة الانترنت للارتباط والتواصل. فاختفت على أثرها الحدود والجغرافيا، ونشأ نوع من الترابط بين الجاليات الفلسطينية في الفضاء الالكتروني بشكل لم يكن متوفرا في السابق. أدى هذا التطور في طرق التواصل والترابط الجديدين الى بعث الامل بان امكانيات استعادة الشتات الفلسطيني لأدواره وممارسة مسؤولياته في حماية حقوق شعبنا قد اصبحت جادة وحقيقية، إذا أحسنا استغلال الفضاء الالكتروني في التنظيم والنشاط وتبادل الخبرات والطاقات والموارد.

فالدلائل تشير على ان العمل الفلسطيني في الشتات مرشح بما لديه من أرضيات خصبة، وحاضنات جماهيرية متقدمة عن السابق، وذلك بوفود بناتنا وأبنائنا من الجيل الثاني والثالث الى المشهد الجاليوي، لان يصبح قوة مادية يحسب حسابها على الأرض، بشرط توفر الآليات التنظيمية والقيادات الحكيمة والمناسبة للعب هذا الدور. بحيث تعمل هذه الآليات والقيادات على ربط الجاليات في برنامج عمل وطني مناسب لمجابهة تحديات المرحلة، وتحديات حياتهم في الشتات، وتحديات قضيتهم الوطنية.

الجالية الفلسطينية الامريكية

العمل السياسي الوطني والاجتماعي الفلسطيني في الولايات المتحدة له تاريخ غني ومتنوع وكثيف. فقد سبغت برامجه معظم المجالات الحيوية كالعمل الجاليوي والطلابي والنسوي والتضامني والإعلامي والقانوني وانشطة الضغط السياسي. ولا تزال بعض المؤسسات والمراكز التي أنشئت في تلك الفترة ناشطة وتعمل بشكل مستقل حتى الآن.

أحد اسباب انهيار المؤسسات والاطر الوطنية في الشتات نجم عن ارتباط واعتماد برامج عمل الجاليات السياسية والاجتماعية والتنظيمية على فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، فانهار عملها وتفككت مؤسساتها بتداع برامج المراكز وتحول أولوياتها في الوطن. فانحسر التواصل الثقافي والسياسي بشكل عام مع فلسطين، كما ساهمت الهجمة الامبريالية العنصرية المركزة المسلطة على العرب والمسلمين والعالم الثالث، بضرب العمل الوطني الجاليوي، وذلك باستعمال اسلوب “الذنب بالصلة”. فحصلت حالة من الجزر والجفاف في العمل السياسي الوطني والنضال الاجتماعي في جميع انحاء الشتات، وخصوصا في الولايات الامريكية وأوروبا، اللذان كانا يتمتعان بنشاطية متميزة.

قد يثبت المستقبل ان هذا التطور من الممكن ان يؤدي الى نتائج مفيدة بعيدة المدى للعمل الجاليوي خصوصا في الغرب. بحيث يؤدي فك الارتباط التنظيمي مع تنظيمات الوطن الى افساح المجال لبناء روافع سياسية محلية مستقلة، تبنى على أسس عضوية ملتحمة مع الواقع المحلي في بناها التنظيمية والبرامجية، ومندمجة في الأهداف الوطنية الفلسطينية العليا في التحرير والعودة وتقرير المصير مع الوطن ومناطق الشتات الأخرى.

لا يمكن ان يكون أي موقف او نضال وطنيا الا إذا ضمن في جوهرة عدم التخلي ابدا وتحت أي ظرف كان عن حق العودة وضمانته لجميع اللاجئين الفلسطينيين بالعودة الى بيوتهم واملاكهم واراضيهم وقراهم ومدنهم الاصلية، وإعادة املاكهم الجماعية من الأراضي الاميرية وغيرها الى الملكية الفلسطينية العامة لخدمة اهداف مصلحة الشعب الفلسطيني العامة. هذا الحق لا يسقط بالتقادم وغير قابل للتفويض لأي جهة كانت ويعتبر تحقيقه كاملا هدفا دائما وحتميا بعد التحرير. وبنفس الوقت يجب ضمان تعويض جميع اللاجئين عن الأضرار الناجمة عن سياسات التطهير العرقي، وكل معاناة سنوات التشرد والنفي عن الوطن لجميع الأجيال الفلسطينية، ويكون هذا الحق مضمونا بعد التحرير، منفصلا عن حق العودة واضافة اليه وليس بديلا عنه.

كان الشعور بالتقصير في خدمه قضيتنا الوطنية ومصالح جالياتنا الفلسطينية، وتشرذم طاقاتنا ونشاطنا دوافع اساسية لهذه المبادرة. لقد تم اختيار اسم تيار فلسطين الحرة الديمقراطية، ليمثل الاسس التي نلتف حولها، وهي:

اولاً- وحدة الشعب والأرض والقضية: البديهية الأولى التي يجب المحافظة عليها وصونها من الضياع هي وحدة الشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده. يجب المراعاة واخذ الحسبان بخصوصيات كل تجمع، والتعامل معه بديمقراطية، واحترام قراراته وخياراته مهما كان حجمه. كما يجب فهم وتطوير التعامل مع جدلية الداخل والخارج بشكل خلاق، بحيث تشكل حلقة أساسية ومركزية في البرنامج الوطني البديل، وان لا تتركز كل الطاقات في وعلى ساحة وميدان وتهمل الأخرى، ولكن العمل ضمن استراتيجية ممنهجة طويلة الأمد تركز وتفعل بالساحتين الخارجية والداخلية بشكل مستمر دائم مترابط.

ثانيا- ان التناقض بين الحركة الصهيونية وحركة التحرر العربية هو تناقض تناحري وجذري: لا يمكن التعايش مع الصهيونية، ولا يمكن هزيمتها عن طريق الحوار والمفاوضات. فهي كأيديولوجيا ثيوقراطية وكنظام سياسي عنصري يقوم على القتل والفصل والانعزال والاقصاء والتفوق العرقي، وتمارس التهجير والاستيطان الاحلالي ونهب الأراضي ومعاملة السكان الأصليين بدونية وتعال. وتكمن هذه الصفات الانعزالية العنصرية في قلبها وتشكل جوهرها. ولن تتغير هذه الطبيعة مهما طال الزمن لإنها إذا تغيرت انهارت وهزمت. فالصراع مع الصهيونية هو صراع وجود تناحري.

ثالثا- شمولية المعركة: لا يمكن هزيمة الكيان الصهيوني وانظمته الا بتسخير كل ما لدينا من قوة وطاقة في المقاومة والنضال. فلا يمكن مبارزته بالسياسة واهمال الاقتصاد، ولا هزيمته عسكريا واستبعاد الثقافة، ولا التغلب عليه استخباراتيا ونسيان الفن، ولا مناوشته ونحن مشتتين. فمقارعة العدو الصهيوني لن تنجح الا إذا أصبحت نمط حياة وممارسة يومية، بحيث يتنفس الشعب الفلسطيني الاشتباك التاريخي مع العدو بكل مفردة من مفردات العيش، تماما كما يفعل هو لإبقائِنا عبيدا له. وبالتالي فأن كل اساليب النضال مشروعة وضرورية يحددها واقع كل تجمع فلسطيني، وحاجة كل مرحلة، بحيث تكون فائدة وعائدة النضال في أقصى حد. فالاشتباك مع العدو هو اشتباك مجتمعي شامل حتى تحرير فلسطين كاملة بطولها وعرضها من البحر الى النهر.

رابعا- موضوعية وتاريخية التناقض العربي-الصهيوني: سيأخذ حسم هذا التناقض بين حركة التحرر العربية بما فيها القضية الفلسطينية والكيان الصهيوني وقتا طويلا ومراحل عديدة من الكر والفر. فما يبدو طويلا في حياة جيل لا يشكل سوى لحظات من عمر الشعوب.  فقد اخذت دولة الفرنجة أكثر من مائتي عاما لسلخها عن ديارنا، ولا يزال عمر الكيان الصهيوني سبعون عاما فقط.  وقد قال القائد الفلسطيني، جورج حبش، في هذا المجال ” ان النضال ضد المشروع الصهيوني قد يستمر مئة عام او أكثر فعلى قصيري النفس ان يتنحوا جانبا.” وبناء عليه يجب ارساء الحوامل التنظيمية الفلسطينية على قاعدة شعار “جيل بعد جيل حتى كامل التحرير.” فلكل حقبة من مراحل الصراع علاقاتها ومواصفاتها وبرامجها وتكتيكاتها واساليبها النضالية.

تتغير المراحل وتظهر معطيات جديدة وتختفي أخرى في خضم الصراع الملتهب، الا ان جوهر التناقضات التناحرية الجذري يبقى فاعلا الى ان ينتهي بهزيمة أحد طرفي الصراع وانتهائه. باختصار، لا يمكن للنضال التحرري والاجتماعي ان ينقطع مع الواقع بل يشكل امتدادا لتفاعلات الصراع التاريخي وتجلياتها التي لا حصر لها. فالحاضر هو نتاج الماضي، والمستقبل هو نتاج الحاضر ولن يكون غير ذلك. كما لا يمكن القفز خارج شروط التطور الاجتماعي ومستوى التطور الاقتصادي في النضال مع أهمية دور ووظيفة الوعي في هذه العملية. فاذا كان الوعي مشوها وقاصرا ومنعزلا عن الواقع بتعامله معه، او بإهماله او بمحاولة الالتفاف على شروط التطور الاجتماعي، فسيصوغ تصورا وبرامجا مشوهه وقاصرة عن متطلبات الصراع التي ستؤدي بالنتيجة بهزيمة حوامله وآلياته التنظيمية. فالوعي يعمل على فهم وتشخيص شروط التطور ويتحرك في الواقع من اجل جعلها تعمل لصالحه ولكنه لا يستطيع القفز عنها.

خامسا- البعد القومي والاقليمي والعالمي: يشكل الشعب الفلسطيني رأس الحربة في الصراع العربي مع المشروع الصهيوني، ولكنه لا يستطيع لوحده وبقدراته الذاتية فقط ان يهزم المشروع الامبريالي الصهيوني، بل انه بحاجة ماسة الى الدعم المتواصل من العرب والمسلمين وقوى العدل والتحرر والسلام العالمية.

البعد القومي: يجب ان يكون النضال الفلسطيني الخاص عنصرا من مشروع قومي وحدوي تحرري. وبما ان القضية الفلسطينية هي القضية العربية المركزية في النضال العربي ضد الامبريالية ومن اجل التحرر والوحدة، فأن الشعوب العربية أكثر ارتباطا وقربا وصلة للانخراط المباشر في النضال من اجل تحرير فلسطين، وخاصة منطقة الطوق المحيطة بالعدو الصهيوني.

البعد الإسلامي: يشكل الدعم الجماهيري الإسلامي المرتبط بالعالم بفلسطين من زاوية العقيدة والعاطفة الدينية بعدا مهما في اسناد ودعم النضال الفلسطيني. وان كان قد تم في كثير من الأحيان استخدام الدين الإسلامي ضد القومية العربية وضد المصالح العربية من قبل الأعداء، ومن قبل حكومات قوميات إسلامية اخرى كتركيا مثلا، التي تقوم باحتلال اجزاء من سوريا، وتتدخل بشكل تسلطي في ليبيا، وتتحالف مع الكيان الصهيوني والاخوان المسلمين، ولها أطماع استعمارية في المنطقة العربية.

البعد العالمي: إدراك ان النضال الفلسطيني هو مكون عضوي من النضال العالمي ضد الامبريالية وكل اشكال الاضطهاد القومي والاجتماعي والاثني، ومكافحة العنصرية بكل اشكالها وتجلياتها، خصوصا ضد الجاليات السوداء والسكان الأصليين في الولايات المتحدة وجميع انحاء العالم.

ومنطق تفعيل هذه الابعاد المرتبطة جدليا يعتمد على مبدأ ان روح وفعل المقاومة يبدأن من الذات الفلسطيني وينتشران الى العربي والاسلامي والعالمي وليس العكس، وذلك بفهم جدلية الوطني والقومي والعالمي في النضال الفلسطيني.

سادسا: ربط التحرر الوطني والاجتماعي: لوحة الصراع الحالية هي مرحلة تحرر وطني وديمقراطي ببعديها التحرري والاجتماعي في آن واحد بحيث لا يمكن تحقيق الأولى دون الثانية. فمحاربة الفساد مثلا في الهيكليات التنظيمية ليست عملية متناقضة مع مقارعة الكيان الصهيوني. والنضال من اجل تحرر المرأة ومساواتها مع الرجل بشتى المجالات، والكفاح ضد كل اشكال الاضطهاد والعنف الذكوري، لا يتعارض مع عملية التحرير بل يشكل شرطا من شروط نجاحها.

سابعا: تراكم التكتيكات تؤدي الى تحقيق الاستراتيجية: ان هزيمة الكيان الصهيوني لن تتم في معركة واحدة فاصلة بل تتم بفعل الصبر في تجميع التراكمات التكتيكية الناجحة والانتصارات اليومية لصالح قضيتنا مع الزمن. فهذه عملية استنزافية للعدو التي لنا فيها مميزات لصالحنا لأنها تقوم على ارضنا ووطننا وفي عمقنا العربي الاستراتيجي. فمبدأ المواجهة مع العدو الصهيوني ومشروعه في فلسطين والعالم العربي هو نضال شعبي طويل الأمد.